فن

لحظات مصرية فى حياة فردوس محمد.. الأم التي لم تلد فى يوم ميلادها 

 

لحظات مصيرية فى حياة فردوس محمد.. الأم التي لم تلد فى يوم ميلادها

صفاء مصطفى… الجمهورية المصرية 

في مثل هذا اليوم من عام 1906، وُلدت واحدة من أنقى وأحنّ الوجوه التي عرفتها السينما المصرية.. هي فردوس محمد، التي لم تُرزق بأبناء من رحمها، لكنها أصبحت “أمًّا” لأجيال من المشاهدين والممثلين، وتركت بصمتها كرمز للأم الحقيقية في الوجدان المصري.

 طفولة يتيمة.. وبداية غير تقليدية

وُلدت فردوس محمد في حي المغربلين بالقاهرة، لكن حياتها لم تبدأ ناعمة؛ فقد فقدت والديها وهي صغيرة، فتولاها بالرعاية الشيخ علي يوسف، صاحب جريدة المؤيد. ألحقها بمدرسة إنجليزية، وهناك تعلمت القراءة والكتابة والتدبير المنزلي، وهو ما صقل شخصيتها وجعلها مهيأة لحياة لم تكن تتوقعها.

من المسرح إلى السينما.. رحلة فنية بدأتها بالإحساس

دخلت فردوس محمد إلى عالم المسرح عام 1927 من خلال مسرحية “إحسان بك” مع فرقة أولاد عكاشة، ثم تنقلت بين فرق فنية عريقة منها فرق رمسيس، فاطمة رشدي، وإسماعيل ياسين.

أما السينما، فبدأت فيها عام 1935، وقدّمت خلالها أكثر من 50 فيلمًا تنوعت بين التراجيديا والكوميديا، لكنها برعت في دور الأم، حتى لُقبت بـ”أم السينما المصرية”.

 من أبرز أفلامها:

غزل البنات

سيدة القطار

عنتر بن شداد

سفير جهنم

صراع في الميناء

 حياتها الخاصة.. زواج دون أمومة

تزوّجت فردوس محمد مرتين، الأولى لم تدم طويلًا، والثانية كانت من الفنان محمد إدريس واستمرت 15 عامًا حتى وفاته. لكنها لم تنجب، وبرغم ذلك ظل الحنان يسكن قلبها وظهر في أدائها.

 علاقتها بالفنانين.. أم بوجه فني وروحي

كانت فردوس محمد محل ثقة وحب جيل كامل من النجوم. كان العندليب عبد الحليم حافظ لا يبدأ حفلة أو يسافر قبل أن يرفع سماعة التليفون ويقول لها: “ادعيلي يا أمي”.

وكانت صديقة مقربة لكوكب الشرق أم كلثوم والفنانة زينب صدقي، وكان يجمعهن دفء الألفة في لقاءات خاصة داخل فيلا الزمالك أو بيت الإسكندرية.

 التزام ديني.. وفن لا يخدش الإيمان

كانت مثالًا للفنانة المؤمنة، ترفض التصوير نهار رمضان، وتُصر أن يكون التصوير بعد الإفطار وينتهي قبل السحور. لم تكن تهمل صلاتها، وكانت تواظب على تلاوة القرآن الكريم حتى أيامها الأخيرة.

 الرحلة الأخيرة.. ألم وصبر ووداع حزين

عانت الفنانة الكبيرة من مرض السرطان، وسعت أم كلثوم إلى سفرها للعلاج على نفقة الدولة، ورافقتها فاتن حمامة إلى السويد.

لكن الأطباء أكدوا استحالة إجراء عملية، فعادت إلى القاهرة يائسة. وفي أيامها الأخيرة، كانت تطلب إنهاء المحاليل والأكسجين، وتقول بصوت خافت:

“حرام عليكم.. خلصوني، كده هموت وكده هموت.”

وفي 22 سبتمبر 1961، رحلت فردوس محمد عن دنيانا، وشيّعها نجوم الفن بالبكاء والدعاء. دخل عليها عبد الحليم حافظ باكيًا، وتكفّلت زينب صدقي بغُسلها بنفسها.. في مشهد يعكس المحبة التي زرعتها في قلوب الجميع.

 تحية من القلب لأم السينما المصرية

في ذكرى ميلادها، لا نملك إلا أن نقول:

رحمكِ الله يا فردوس محمد.. كنتِ مثالًا نادرًا للأمومة، للعطاء، وللفن النظيف الصادق.

ستظلين في ذاكرتنا دائمًا، بصوتكِ، ونظراتكِ، واحتضانكِ الصامت لكل من مرّ أمامكِ على الشاشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى