فن

أحمد عبد الجليل.. “المسرحجي الفصيح” الذي صنع مجده من قلب المنصورة إلى خشبات مصر

 

كتبت: نور التلباني

في واحدة من أبرز ندوات المحور الفكري المصاحب لفعاليات الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، احتفى المسرحيون بتجربة المخرج الكبير أحمد عبد الجليل، خلال ندوة حملت عنوان “المسرحجي الفصيح”، استعرضت محطات إبداعه وتفرده، بحضور عدد من الرموز المسرحية من بينهم الكاتب عماد مطاوع، والدكتور محمد أمين عبد الصمد، والناقد أحمد خميس، إلى جانب جمهور غفير من المحبين والمتخصصين.

فنان لا يلهث وراء الأضواء

في بداية الندوة، وصف الكاتب عماد مطاوع عبد الجليل بأنه فنان نادر، لا يسعى للشهرة، بل يحمل مشروعًا فنيًا نابعًا من الإخلاص لفنه وبيئته. وأشار إلى أن مدينة المنصورة لم تكن مجرد انطلاقة له، بل كانت رافدًا أساسيًا في تشكيل شخصيته الفنية والإنسانية، ومنها أطلق إبداعه ليصل إلى كل ربوع مصر.

عبد الجليل: رهبة أول عرض.. وبهجة أول مكافأة

روى أحمد عبد الجليل بداية رحلته مع المسرح، حين شاهد عرضًا على خشبة مسرح المنصورة القومي وهو طفل، حيث اجتمعت داخله رهبة المسرح مع سحره. أول تجربة له كانت عبر عرض “موتى بلا قبور” عن نص لجان بول سارتر، بلغة عربية كانت في بداياتها صعبة على طفل صغير.

أحمد عبد الجليل.. "المسرحجي الفصيح" الذي صنع مجده من قلب المنصورة إلى خشبات مصر
الصحفي جمال عبد الناصر

واستعاد لحظة فارقة في ذاكرته، حين منحه الفنان كرم مطاوع أول مكافأة نقدية في حياته – خمسة جنيهات – بعد مشاهدته له وهو طفل خلف الكواليس، مؤكدًا أن هذه اللحظة كانت الشرارة الأولى لحلم طويل.

أحمد عبد الجليل.. "المسرحجي الفصيح" الذي صنع مجده من قلب المنصورة إلى خشبات مصر
أحمد عبد الجليل.. “المسرحجي الفصيح” الذي صنع مجده من قلب المنصورة إلى خشبات مصر

“شحتوت العظيم”.. والمسرح كرسالة إنسانية

من أبرز محطات عبد الجليل المسرحية، حديثه عن عرض “شحتوت العظيم” المستوحى من نص شعري للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، والذي استمر عرضه بنجاح لخمسة أشهر. وأكد أن العلاقة بينه وبين نجم لم تكن فقط تعاونًا فنيًا، بل تجربة إنسانية غنية أثّرت فيه بعمق

عبد الصمد: عبد الجليل خلق تجربته من الهامش

أما الدكتور محمد أمين عبد الصمد، فكشف عن كواليس كتابته للكتاب التوثيقي الذي حمل نفس عنوان الندوة “المسرحجي الفصيح”، مؤكدًا أن تجربة عبد الجليل ليست مجرد عدد عروض (أكثر من 120 عرضًا)، بل مشروع ينمو من الهامش الجغرافي والثقافي، ويعيد توزيع الخريطة المسرحية خارج المركز.

وأشار إلى أن مشروع عبد الجليل تجلى في الفرق الثقافية الجماهيرية، والاعتماد على الهواة، مع تنوع كبير في النصوص والرؤى الإخراجية، وهي تجربة تستحق أن تُدرّس.

أحمد خميس: المسرح الغنائي يعود بروح جديدة

الناقد أحمد خميس سلط الضوء على البعد الجمالي لتجربة عبد الجليل، خاصة في تقديمه لنصوص نجيب سرور بأساليب حديثة، ومساهمته في إعادة إحياء المسرح الغنائي بأعمال مثل “الجنيه المصري” التي اعتمدت على التفاعل الحي مع الجمهور والغناء المباشر، بعيدًا عن الشكل النمطي.

 

وأكد أن أعمال عبد الجليل شكلت مصدر إلهام لعدد من النقاد والمخرجين، خاصة مع امتداد أثره إلى بعض التجارب المسرحية الإفريقية.

المسرح من الهامش إلى القلب

اختتمت الندوة وسط تقدير كبير لتجربة فنية وإنسانية فريدة، حيث امتزج فيها الحس الشعبي بالفكر التجريبي، لتخرج تجربة أحمد عبد الجليل من خارج المركز، لكنها وصلت بعمق إلى قلب الحركة المسرحية المصرية، مؤكدة أن العظمة لا تحتاج بالضرورة إلى منصة مركزية، بل إلى شغف حقيقي ورسالة أصيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى