«نورس المسرح المهاجر».. جلال العشري يتوّج مسيرته بتكريم المهرجان القومي للمسرح

كتبت: نور التلباني
في ندوة استثنائية من فعاليات الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، احتفى المسرحيون والنقاد بالفنان الكبير جلال العشري، أحد رموز مسرح الهوية والمقاومة، والذي وُصف بـ”نورس المسرح المهاجر”، نظرًا لتجربته الغنية التي مزجت بين الحنين والتهجير والفن.
الندوة التي أدارها الناقد محمد علام وشاركت بها الناقدة د. لمياء أنور، حملت طابعًا شاعريًا وإنسانيًا، وألقت الضوء على محطات مهمة في حياة العشري، كما وردت في كتاب تكريمي للكاتب د. أحمد يوسف عزت بعنوان: “جلال العشري.. نورس المسرح المهاجر”.

صندوق الصابون.. أول مسرح في الطفولة
استعاد العشري ذكريات بداياته الفنية، قائلًا إنه في سن الخامسة كان يعيد تمثيل مشاهد الأفلام لأصدقائه باستخدام صندوق صغير من الصابون، كان يُشبهه بـ”صندوق الدنيا”، وأضاف:
“كنت أقص الصور من المجلات وأرتبها على شكل شريط سينما، وأعرضها على أصحابي… كان ده أول مسرح في حياتي”.
التهجير يصنع الوعي
توقف العشري عند مرحلة تهجيره من بورسعيد إلى الغربية، مؤكدًا أنها غيّرت مجرى وعيه الفني والوجداني. وأوضح أنه بعد عودته، كان يشارك زملاءه الحكايات التي ظلت بداخله، وكان أول كتاب مسرحي قرأه حصل عليه من مكتبة د. حسن عطية، الذي دعمه مع د. عايدة علام في تشكيل وعيه المسرحي عبر سلسلة من الكتب المتتالية.
“يا رب أمثّل”.. حلم لم يفارقه
لفتت د. لمياء أنور إلى أن العشري كان يردّد دعاء “يا رب أمثّل” في كل مقام روحاني يزوره، ما يعكس عمق الحلم داخله. وقالت إن دفاعه عن مسرح السامر يُعد من أبرز نضالاته الفنية، حيث خاض معركة حقيقية لإعادة فتح المسرح وتزويده بالتقنيات، ليعود نابضًا من جديد.
“التكريم لحظة وعي”
وعن تكريمه في المهرجان، قال جلال العشري:
“يمكن لأول مرة أشعر بحجم ما قدمته في حياتي… هذا التكريم تتويج حقيقي لمسيرتي”.
ووجّه شكره لمحافظة بورسعيد على تكريمه السابق، كما عبّر عن امتنانه لكاتب سيرته، قائلًا إن الكتاب كُتب بروح الرواية لا السيرة فقط
البحر والذاكرة… من بورسعيد إلى المسرح
واختتم العشري كلمته بتأكيده أن البحر شكّل وجدانه منذ الطفولة، وأن النشأة في بورسعيد قرب الميناء والمدافع والسفن، زرعت فيه وعيًا بصريًا وإنسانيًا استمر معه.
وقال:
“لما اتهجّرنا لمنصورية الفرستق، الناس استقبلونا كأننا أنبياء، وهناك رجعت أحكي من جديد… بصندوقي اللي كان أول وسيلة مسرح في حياتي، واللي لسه جوّه قلبي لحد دلوقتي”.